2014-08-12

الشمس الخافتة وأمور لافتة

يعتقد كثير من المسلمين أن ليلة القدر لها علامة... تتمثل في شروق الشمس صباحها خافتة بلا أشعة؛ وذلك تصديقًا لما جاء في الأحاديث، ومنها ما في صحيح مسلم:
{.. هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا.} صحيح مسلم 1278

لكن رغم انتشار الكاميرات في أيدي الناس حول العالم، ووجود من اعتادو الاستيقاظ مبكرين ومن يعملون بنظام المناوبة أو في أعمال تبدأ مبكرًا، لم أجد أحدًا، سوى من يتحرى ليلة القدر، لفت نظره شروق الشمس بلا أشعة بحيث يصوره ويصور الأصباح التالية للمقارنة وينشر صورًا أو مقطع فيديو.

هذا يدفع لاعتبار أن متحريها يخضعون للتأثير الإيحائي (التوهم)، لأن لديهم اعتقاد مسبق بأن الشمس في أحد الأيام المعينة ستشرق خافتة؛ ثم بتعرض الجو لغبار أو ضباب، تخفت فيقولون تلك هي العلامة. ويلحظ المتابع تخبّط الراصدين للشروق أواخر رمضان في تقديرهم أي الأيام كانت الشمس فيه بلا أشعة؛ وفي حين يصورها أحدهم بلا أشعة، يصورها غيره في بلد آخر بأشعة واضحة.

كما لم أجد أنه سبق لأي جهة معتبرة، لا فلكية ولا غيرها، أن وثّقت ونشرت أي صور لحدوث ذلك عبر كل ما مضى من سنين. لم يسبق لأي فلكي، مسلم أو غير مسلم، أن أعلن رصده له. وتوجد مراصد في مكة والمدينة وعدة مدن حولهما؛ منها 6 رسمية وغيرها خاصة لهواة. لم يقم أي من مسؤوليها مرة بدعوة وسائل الإعلام والمهتمين لحضور قيامهم برصد وتصوير الشمس أواخر رمضان، رغم جاذبية الفكرة للفلكيين المسلمين. لا مبرر لهذا الصمت المطبق وتغييب موضوع هام كهذا عن نشاطاتهم... إلا أنهم سبق لهم محاولة رصد خفوت حقيقي للشمس وفشلو في تحقيقه.

وبما أن الأمر نال اهتمامي في ما مضى، فقد تصديت له هذا العام 2014. بادرت قبل رمضان بشهور بالاتصال بعدد من الفلكيين العرب والأجانب، لأستشيرهم في هذا الشأن؛ وقد ناقشتهم وأوضحته لهم؛ فأجمعو كلهم، ومنهم عالم فلك عربي معروف، على نفي وجود شيء كهذا، وعلى أنهم لم يسمعوا به من قبل.

ثم أرسلت لعدد من المراصد في بلاد إسلامية، أقترح عليهم رصد الشمس في أواخر رمضان؛ فلم يرد أحد منهم إلا مرصد القطامية في مصر؛ حيث رحب المسؤول بالفكرة، ثم اعتذر بأن تجهيزات المرصد غير مهيأة لرصد الشمس.

لم يبق أمامي بعد ذلك إلا جهدي الشخصي. وبما أن جو الرياض المغبر لا يسمح بالرصد، فقد لجأت إلى فكرة مبتكرة، ألا وهي كاميرات البث المباشر المتصلة من بلدان عديدة عبر النت. وجدت موقع إرثكام EarthCam يحفظ تسجيل 24 ساعة يوميًا من أكثر الكاميرات المتصلة به؛ فاستعرضتها وانتقيت التي تُظهر شروق الشمس، وكان عددها 6، تأثر بعضها بالغيوم؛ وقمت بمتابعتها أواخر رمضان، والتقاط الصور منها بمواقيت ثابتة. لم أتمكن من البدء إلا يوم 22 (هو 22 بالرؤية، 23 بالفلك)؛ فجمعت صورًا من عدة مصادر لأيام 19 و20 و21، أي بدءًا من 17-7-2014 الموافق 19 رمضان 1435.