قصة قصيرة كتبتها في 3-2006، بأسلوب عمل درامي، تُقدّم تصورًا لحال بلدنا بعد مرور نصف قرن. كنت نشرتها في منتديات، ثم اختفت. أخرجتها الآن من سجلاتي، وأعيد نشرها (بلا تعديل غير التدقيق في اللغة والفواصل). قرأتها اليوم لأول مرة من ذلك الحين، فأخذت أبتسم وأنا أقرأ ما بدر مني قبل 8 أعوام. ويبدو أن بعض ما فيها قد تحقق ونحن ما زلنا في 2014.
تصور عام
البيوت والسيارات والأجهزة بأشكال حديثة. الاتصالات بجوال له طوق يوضع على الرأس. أكثر الناس يسكنون شقق أبراج، وأكثر السيارات صغيرة جدًا. المباني والأسواق الجديدة تظهر، ونظافة ولمعان في كل شيء.
الرجال لا يلبسون ثياب القطعة الواحدة وإنما قطعتين أو أكثر، والبدل بلا ربطة عنق. النساء أزياؤهن محتشمة بلا غطاء وجه ولا عباءة. ألوان جميع الألبسة فاتحة لأجل الشمس.
الطعام كله خفيف وصحي. الكل يمارس الرياضة ولا أحد لديه زيادة وزن. لا أحد يجلس على الأرض أو يأكل بيده.
الحالة الاقتصادية مماثلة لباقي دول العالم الثالث بسبب زوال البترول، ولم تعد في البلد عمالة وافدة، وصار المواطنون يعملون في كل المهن رجالاً ونساءً بلا فصل ولا تمييز، بما في ذلك قيادة السيارة، وصارو عمليين وحيويين. توجد النقابات المهنية ومجلس النواب، والكل يعمل بفعالية وجرأة. التعامل بين الناس عمومًا بأدب واحترام وبلغة مهذبة.
الحريات الإعلامية والشخصية متحققة، والتشدد الديني والاجتماعي غائب. الالتزام الديني سائد بلا إكراه ولا وصاية من أحد، توجد فقط دعوة وإرشاد في أمكان خاصة بها. مظهر الملتزم لايختلف عن غيره إلا بلحية طويلة لكن مهذبة وعبارات دينية في لغته.
تزايد عدد السكان يزيد حالة الزحام. تتوفر الباصات داخل الأحياء وقطارات بين كل المدن. تتواجد دور سينما ومسرح، وتقام حفلات غنائية واستعراضية.
مشهد 1
جلسة لمجلس النواب، الذي يضم سيدات.
نائب واقف يخاطب المجلس: "أيها الإخوة، نعلم أنه منذ أن كشفت الحكومة عن انتهاء مخزوننا البترولي وهي تسعى جاهدة لتحسين الحالة الاقتصادية وإيجاد البدائل اللازمة، وقد ساعدتنا على ذلك الوحدة الاقتصادية العربية، لكني أرى أن هذا لا يكفي، فما زال الكثير من المواطنين يعانون ولا يجدون ما يكفي احتياجاتهم. يجب أن نتعاون جميعًا في التوصل لحلول جديدة."
تتحول الصورة إلى شاشة قناة مخصصة للنواب وتتغير القناة فتظهر دعاية حفل استعراضي لفرقة أوروبية تقدم رقصًأ هادئًا، تانجو مثلاً.
أسرة تتناول الغداء أمام شاشة مسطحة في شقة كبيرة، مكونة من جد، جدة، أب، أم، ابن، وابنة في بداية شبابهما.
الابنة لينة تدخل بزي الشرطة: "السلام عليكم" يردون السلام.
الأم: "اجلسي كلي يابنتي قبل أن يبرد الطعام."
الجدة تسأل الجميع: "كيف كانت أعمالكم اليوم؟"
الأب: "الحمد لله، اليوم جاءتنا طلبات كثيرة لم نلحق أن نعبئها ونشحنها كلها.
الجد والجدة: "ماشاء الله" الجد: "اللهم زد وبارك."
الأم: " أنا كان يومي عاديًا في الحضانة. الأطفال كانو هادئين ولم يصرخوا ولم يحتاجوا أكثر من الرعاية المعتادة."
لينة: "المدير وبخني وحسم من راتبي لأني تأخرت عن الدوام."
الأب: "وما أخّرك؟"
لينة: "الباص هو الذي تأخر."
الجد: "لا؛ الباص لا يتأخر؛ بل أنتِ تأخرت، سمعتك تخرجين بعد مرور باص السابعة فركبت باص السابعة والربع."
لينة: "مشكلة... يبدو أن ساعة المنبه الخاصة بي بحاجة لبطارية جديدة."
الابن يوسف: "أنا اليوم تلقيت بقشيشًا وفيرًا رغم أن الفترة الصباحية لا يتوقع منها ذلك خاصة في مطعم درجة أولى. اسمعو... بما أن لدي فراغ الليلة أود حضور الحفل الاستعراضي فمن يريد مصاحبتي؟"
لينة: "أي حفل؟"
يوسف: "حفل رأينا دعايته قبل قليل."
الجد: "والرياضة يابني؟"
يوسف: "ما أحَبَّ الرياضة لك يا جدي. كل يوم؟"
الجد: "أخاف إن تركناها مرة نهملها."
لينة: "لا تخف يا جدي؛ أنا لن أسمح بذلك. دعونا نذهب جميعًا."
الجدة: "أنا دعوني أبقى، فلا أحب الصخب."
الأم: "لن يكون في الأمر صخب يا خالة، فالدعاية تبين أن الحفل من النوع الرصين."
الأب: "إذن لا يصح أن تبقي وحدك يا أمي."
الجدة: "طيب، لكن لن نخرج قبل أن نصلي العشاء."
الجد: "بالتأكيد، نصلي جماعةً ثم نمضي."
الأم تبدأ بنقل الأواني إلى المطبخ والأب يساعدها.
يوسف: "أنا سأستريح قليلاً بعد الخدمة بين الطاولات طول النهار."
الجدة تنظر إلى لينة التي تكمل طعامها: "تغذي جيدًا يا حبيبتي فعملك ليس بالهين. أعانكم الله يا هذا الجيل. حين كنت في سنك لم أجد عملاً متاحًا إلا تداول الأسهم، كانت تسمى مضاربة."
الجد: "حتى أنا لم أجد عملاً حينها غير المضاربة، ضاربنا حتى انضربنا على رأسنا فحرّمت أن أعود إليها. الآن أنا لا أعارض هذا العمل، لكن يجب ألّا يخاطر المرء بكل ماله أو يجعله عمله الوحيد."
مشهد 2
يوسف في غرفته يضع طوق الجوال على رأسه: "أهلاً حبيبتي - - - هل دريت بالحفل الأوروبي؟ - - - سأذهب الليلة مع أهلي - - - أنت أيضًا مع أهلك؟ جميل جدًا. قد أراك الليلة إذن - - - حسنًا؛ إذا احتجت أي شيء أخبريني. إلى اللقاء." يتنهد في شوق وينام.
مشهد 3
الأم في المطبخ تضع الأواني في الغسالة.
لينة تدخل بصحن وملعقة وتضعهما فيها: "تأمريني بشيء يا أمي؟"
الأم: "شكرًا يابنتي. اذهبي استريحي."
الأب: "أنا عائد للعمل."
الجدان: "بالسلامة يابني."
الأب: "سأعود مع أذان العشاء إن شاء الله." يخرج وينزل بالمصعد من الدور الثامن. تدخل امرأة من الدور السادس وتسلّم فيرد السلام. يخرجان للشارع. تركض هي باتجاه الباص وتلحق أن تصعد فيه قبل أن يغادر. يركب هو سيارته الصغيرة ويربط الحزام. في المذياع تلاوة من القرآن. يصل إلى مبنى مستودع تجري فيه تعبئة طلبات سلع مفرقة للشحن بالبريد. يدخل قسم تلقي الطلبات حيث امرأتان تردان على المكالمات وهو ورجل آخر يتوليان باقي العمل.
الأب: "ما سر هذا الإقبال علينا اليوم؟"
زميله: "سمعت أن مسؤول التسويق وضع دعاية لنا أمس في مسرح لفرقة أجنبية."
الأب: "عجيب! أنا ذاهب إليها الليلة، وسأرى كيف نجحت هذه الدعاية."
مشهد 4
الجدان والأم يشاهدون في الشاشة جدالاً قويًا لمجموعة رجال ونساء حول الزواج العرفي.
امرأة: "كان منتشرًا في أحد البلاد العربية كما هو لدينا الآن، فلمّا تيسّر الزواج الشرعي بلا قيد أو شرط انتهت الظاهرة، فلماذا لا يكون ذلك هنا؟ حتى الرسول زوّج ابنته بدرع!"
الأب يدخل معلنًا موعد أذان العشاء وينادي يوسف ولينة فيأتيان: "عسى أن أدركتما صلاة المغرب؟"
يوسف: "الحمد لله، صحوت قبل قليل و أدركتها."
لينة: "وأنا لم أنم أصلاً."
يصلون جماعةً، ويخرجون وتتولى لينة قيادة السيارة.
مشهد 5
مجمع ترفيهي به سينما ومسرح كبير ومطعم صغير وساحة بها طاولات لتناول الطعام. تمر الأسرة على مدخل السينما ويرون لوحة إعلانية لفيلم محلّي بعنوان "وراك كذا". يدخلون المسرح حيث الناس يأخذون أمكانهم. يوسف يجول ببصره إلى أن يرى حبيبته جالسة مع أهلها. الأب ينظر للحائط الجانبي فيجد دعاية جميلة كتب عليها: "نحن نتقدم المنافسين لتكونوا أنتم الفائزين - متجر أطلب تجد." تخرج مذيعة على المنصة ترحب وتقدّم موهبة محلية جديدة في فقرة تسبق العرض الرئيسي، الموهبة شابة تقدم نوعًا من الفن، ثم تقدّم المذيعة الفرقة فتدخل في استعراض راقص رومانسي هادئ، تانجو مثلاً. تخرج الأسرة، يتناولون وجبة خفيفة في الساحة ويبدون آراءهم في الحفل. يرى يوسف الحبيبة تمشي مع أهلها ويجلسون بالقرب، فيقضي الوقت بتبادل النظرات في هيام، تلاحظ لينة ذلك، خاصة حين قامو للعودة للسيارة.
مشهد 6
يدخلون البيت. يذهب يوسف ولينة للغُرف.
لينة تدخل مع يوسف وتسأل: "تلك الفتاة... أنت تعرفها من قبل ومتعلق بها أيضًا!"
يوسف يرتبك: "كيف عرفت؟"
لينة: "لا تنسى أني شرطية، وعندي نظر وتمييز."
يوسف: "هذا من سوء... من حسن حظي."
لينة: "لماذا لم تخبرنا وتتقدم لها؟"
يوسف: "أنا أحادثها بالهاتف. وكل شيء وجدته منها أحببته؛ لكني لا أظن أني مؤهل للارتباط الرسمي؛ فأهلها تقليديون لن يقبلوني دون توفر بيت وغيره. هل تتوقعين ذلك من نادل بسيط مثلي؟"
لينة: "معك حق. هذه مشكلة. وظاهرة العرفي منتشرة لأن أكثر الشباب مثلك، لا يقدرون على متطلبات الشرعي. طيب ماذا ستفعل؟"
يوسف: "بماذا؟"
لينة: "بالفتاة."
يوسف: "لاأدري. ما رأيك بالعرفي؟"
لينة: "بصراحة، أنا لا أقدر أن أجيبك بأكثر مما قلت. والحل ليس عندي." لينة تخرج.
يوسف يضع طوق الجوال: "حياتي... هل تقبلين بالعرفي؟ - - - حقًّا؟!"
مشهد 7
الجد يقف عند باب الشقة، ينادي يوسف وأباه: "هيا كي لا تفوتنا الخطبة!" فيأتيان.
في الجامع يستمعون لخطبة الجمعة. الإمام لابس بدلة: " أخي المسلم... قال الله تعالى في الآية 20 من سورة الحديد {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}. اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، ولآخرتك كأنك تموت غدًا. التزمو أيها الإخوة بتعاليم دينكم وتمتعو بدنياكم بلا إفراط ولا تفريط، واحرصو على التزام الفرائض واجتناب الكبائر، واستغفرو الله كثيرًا، وعليكم بتقوى الله في السر كما في العلن .."
يخرجون ويجدون عند الباب أقراصًا مدمجة دعوية، فيأخذ يوسف أحدها.
الجد: "كيف وجدت الخطبة يا يوسف؟"
يوسف: "وهل يحق لي إبداء رأيي فيها؟"
الجد: "طبعًا، فهي نص بشري وليس إلهيًا."
الأب: "أنا وجدتها موزونة ومنطقية."
يوسف: "وأنا كنت سأقول نفس الشيء."
الجد: "صحيح، لكن بالمقارنة مع خطب ما قبل ثلاثين وأربعين عامًا تعتبر متساهلة."
الأب: "الحمد لله الذي جعل ديننا يسرًا."
مشهد 8
لينة في غرفتها تضع طوق الجوال وتتحدث بالإنجليزي مع صديق من بلد أجنبي. يطرق الباب فتستأذن منه وتفتح يوسف يدخل متوتراً: "كيف حالك أختي العزيزة؟"
لينة: "الحمد لله، لحظة معي شخص على الخط." تودع الصديق وتجلس مع يوسف وتسأله: "ماذا لديك؟ طمئنّي."
يوسف: "لقد اتفقت مع سلوى أن نتزوج الليلة."
لينة: "ماذا قلت؟!"
يوسف: "كما سمعت. وأعرف أنك محل ثقة وتحفظين السر."
لينة: "طيب، ما المطلوب مني؟"
يوسف: "أن تساعديني في المصاريف."
لينة: "ليس لدي غير عشرين ألفًا."
يوسف: "هاتيها." تقوم لينة لتكتب شيكًا. "لقد تدبرت الشهود، وبقي المهر. ماذا أقدم لها مهرًا"
لينة: "لا أحَب للنساء من المجوهرات والحليّ." تعطيه الشيك فيأخذه.
يوسف يخرج: "أنا ذاهب. أراك غدًا."
لينة: "انتبه لنفسك يا أخي." تجري اتصالاً: "أهلاً حبيبي - - - لقد فعلها أخي - - - أنا لا أرضى أن نفعل نفس الشيء - - - لأني إذا شئت يمكنني إقناع أهلي بالزواج الشرعي البسيط بلا تعقيد."
مشهد 9
يوسف يدخل سوقًا مع أذان المغرب. المحلات لا تغلق أبوابها. يدخل محل مجوهرات فيجد بائعة ترحب به، وبائعًا يصلي. يطلب خاتمًا ماسيًا فتأتيه البائعة بواحد.
يوسف: "جميل. كم ثمنه؟"
البائعة: "هذا الخاتم المميز بستين ألفًا."
يوسف: "لا لا، أنا معي خمسون ألفًا، وسأتزوج الليلة."
البائعة: "مبروك! نحسبه لك بخمسين لأجل هذه المناسبة، ونتمنى لك التوفيق."
يوسف: "ياسلام. أشكرك كثيرًا."
مشهد 10
الأب، الأم، الجد، والجدة يحضرون الأخبار.
المذيعة: "صرح رئيس نقابة العمل الصناعي بأن عاملي وعاملات مصنع الحلويات الوطني سيواصلون إضرابهم بسبب عدم استلام أجورهم. وكانت إدارة المصنع أكدت عجزها عن دفع الأجور نتيجة انخفاض المبيعات وأنها مهددة بالإفلاس."
الأم: "أعان الله هؤلاء الناس. لا أدري كيف يتدبرون معيشتهم."
الجد: "ما أصعب هذا الزمان، وما أكبر الفرق بينه وبين زمان مضى، حين كان الاقتصاد آخر هم الناس؛ فالبترول كان يوفر دخلاً يغطي احتياجات البلد وأكثر. وكان الوافدون يقومون بكل الأعمال، والمواطنون يعمّهم الخمول، ويفضلون -الرباضة- أكثر من الرياضة، وينشغلون بالمظاهر والشكليات، يحدثون النزاعات حولها. وكنا في حالة من الاستهلاك دون إنتاج. الآن صرنا كغيرنا، مضطرين للاجتهاد والكفاح لكي نعيش، أما المظاهر فآخر همنا."
مشهد 11
يوسف وسلوى يدخلان فندقًا ويقفان عند الاستقبال حيث موظفة غير محجبة ترحب بهما.
يوسف: "السلام عليكم. أنا وزوجتي جئنا إلى الرياض لزيارة مريض في المستشفى، وسننام هنا الليلة حتى نعود في النهار."
الموظفة: "أهلاً وسهلاً بكما. أعطياني هويتيكما." يعطياها. يصعدان.
يوسف واضعًا طوق الجوال: "هل أنتما بالقرب من الفندق؟ نحن أخذنا غرفة رقم ثلاثمئة وخمسة." يدخلان الغرفة.
سلوى: "أنا خائفة، يوسف. صحيح أني فرحانة لأني معك؛ لكني خائفة أن يدري أهلي."
يوسف: "أنتِ ماذا قلت لهم؟"
سلوى: "اتفقت مع صديقتي أن أقول إنها مريضة وأني سأنام معها، وجلبت معي جوالها كي أرد لو اتصل أهلي عليها."
يوسف: "ياسلام عليك وعلى ذكائك. إذن لا داعي للخوف. خذي، هذه هي الورقة، اقرئيها كي نوقّعها." يناولها ورقة. يُطرق الباب فيفتح ويدخل الشاهدان يسلّمان، فيردّان. يأخذ الورقة ويعطيها لهما. يخرج من جيبه الخاتم: "هذا الخاتم هو المهر." ويقدّمه لها. يوقّع الشاهدان ويباركان لهما. يوسف: "شكرًا لكما. أردّها لكما قريبًا إن شاء الله."
شاهد: "نعلم أنك لن تقصر معنا." يخرج الشاهدان ويغلق الباب.
مشهد 12
يوسف يصل ظهرًا إلى عمله في المطعم ويلقاه نادل آخر، وهو أحد الشاهدين.
النادل: "أهلاً بيوسف، أهلاً بزين الشباب. هل كل شيء على ما يرام؟"
يوسف: "نعم يا صاحبي. إنها فتاة أحلامي. وقد كانت أحلى ليلة في عمري؛ لكني لا أدري كيف ستتكرر."
النادل: "بسيطة. استأجر غرفة يومًا في الأسبوع لمدة سنة."
يوسف: "لكن كيف ستقنع هي أهلها؟"
النادل: "اسألها فهي الأقدر على معرفة ذلك."
يوسف يقوم بخدمة الزبائن ثم يعود ويضع طوق الجوال: "كيف حالك الآن حبيبتي؟ - - - اسمعي، كيف ستقنعي أهلك بخروجك يومًا في الأسبوع؟"
سلوى: "لا أستطيع أن أكلمهم عن يوم محدد من كل أسبوع، سيشكّون. سنضطر أن نتصرف في كل مرة على حدة، فمرة ذاهبة إلى السوق ومرة إلى صديقتي، وهكذا."
يوسف: "لا بأس، يمكننا السير على هذه الطريقة. عليّ أن أعود لتلبية الزبائن، أراك قريبًا يا روحي."
مشهد 13
في مركز الشرطة، لينة تعمل في قسم حجز النساء. يدخل شرطي مع امرأة.
الشرطي: "هذه وجدوها تحاول السرقة في أحد المحلات. خذي بصماتها وتحفظي على ما معها واحجزيها حتى يأتي وقت التحقيق."
لينة تنفّذ، وتسأل المرأة: "ما دفعك للسرقة؟"
المرأة: "أنا مسكينة يا أختي ومريضة لا أستطيع العمل."
لينة: "وهل استطعت السرقة الآن؟... إذن هذا ليس الحل."
مشهد 14
الأسرة مجتمعة في البيت عدا يوسف، الذي يدخل، فيسأله أبوه.
الأب: "يوسف، هل علمت يا بني أن الحكومة فتحت باب الهجرة للعمل في الخارج؟"
يوسف: "نعم يا أبي. وقد أتيت لأخبركم أني قررت أن أكون من أول المتقدمين حتى أحاول تحسين معيشتي."
الأسرة تدعو له بالتوفيق.
مشهد 15
يوسف وسلوى في شقة صغيرة.
سلوى تتحدث عبر طوق الجوال: "أنا بخير ولله الحمد يا أمي. لم يحدث لي مكروه؛ اطمئنو جميعًا. أُحدّثك من بلد أجنبي؛ فقد أخذت جواز سفري وهربت، لأني لا أقدر أن أبقى بلا زواج. وها أنا الآن مع زوجي الحبيب، نحاول إقامة حياتنا الجديدة."
تصور عام
البيوت والسيارات والأجهزة بأشكال حديثة. الاتصالات بجوال له طوق يوضع على الرأس. أكثر الناس يسكنون شقق أبراج، وأكثر السيارات صغيرة جدًا. المباني والأسواق الجديدة تظهر، ونظافة ولمعان في كل شيء.
الرجال لا يلبسون ثياب القطعة الواحدة وإنما قطعتين أو أكثر، والبدل بلا ربطة عنق. النساء أزياؤهن محتشمة بلا غطاء وجه ولا عباءة. ألوان جميع الألبسة فاتحة لأجل الشمس.
الطعام كله خفيف وصحي. الكل يمارس الرياضة ولا أحد لديه زيادة وزن. لا أحد يجلس على الأرض أو يأكل بيده.
الحالة الاقتصادية مماثلة لباقي دول العالم الثالث بسبب زوال البترول، ولم تعد في البلد عمالة وافدة، وصار المواطنون يعملون في كل المهن رجالاً ونساءً بلا فصل ولا تمييز، بما في ذلك قيادة السيارة، وصارو عمليين وحيويين. توجد النقابات المهنية ومجلس النواب، والكل يعمل بفعالية وجرأة. التعامل بين الناس عمومًا بأدب واحترام وبلغة مهذبة.
الحريات الإعلامية والشخصية متحققة، والتشدد الديني والاجتماعي غائب. الالتزام الديني سائد بلا إكراه ولا وصاية من أحد، توجد فقط دعوة وإرشاد في أمكان خاصة بها. مظهر الملتزم لايختلف عن غيره إلا بلحية طويلة لكن مهذبة وعبارات دينية في لغته.
تزايد عدد السكان يزيد حالة الزحام. تتوفر الباصات داخل الأحياء وقطارات بين كل المدن. تتواجد دور سينما ومسرح، وتقام حفلات غنائية واستعراضية.
مشهد 1
جلسة لمجلس النواب، الذي يضم سيدات.
نائب واقف يخاطب المجلس: "أيها الإخوة، نعلم أنه منذ أن كشفت الحكومة عن انتهاء مخزوننا البترولي وهي تسعى جاهدة لتحسين الحالة الاقتصادية وإيجاد البدائل اللازمة، وقد ساعدتنا على ذلك الوحدة الاقتصادية العربية، لكني أرى أن هذا لا يكفي، فما زال الكثير من المواطنين يعانون ولا يجدون ما يكفي احتياجاتهم. يجب أن نتعاون جميعًا في التوصل لحلول جديدة."
تتحول الصورة إلى شاشة قناة مخصصة للنواب وتتغير القناة فتظهر دعاية حفل استعراضي لفرقة أوروبية تقدم رقصًأ هادئًا، تانجو مثلاً.
أسرة تتناول الغداء أمام شاشة مسطحة في شقة كبيرة، مكونة من جد، جدة، أب، أم، ابن، وابنة في بداية شبابهما.
الابنة لينة تدخل بزي الشرطة: "السلام عليكم" يردون السلام.
الأم: "اجلسي كلي يابنتي قبل أن يبرد الطعام."
الجدة تسأل الجميع: "كيف كانت أعمالكم اليوم؟"
الأب: "الحمد لله، اليوم جاءتنا طلبات كثيرة لم نلحق أن نعبئها ونشحنها كلها.
الجد والجدة: "ماشاء الله" الجد: "اللهم زد وبارك."
الأم: " أنا كان يومي عاديًا في الحضانة. الأطفال كانو هادئين ولم يصرخوا ولم يحتاجوا أكثر من الرعاية المعتادة."
لينة: "المدير وبخني وحسم من راتبي لأني تأخرت عن الدوام."
الأب: "وما أخّرك؟"
لينة: "الباص هو الذي تأخر."
الجد: "لا؛ الباص لا يتأخر؛ بل أنتِ تأخرت، سمعتك تخرجين بعد مرور باص السابعة فركبت باص السابعة والربع."
لينة: "مشكلة... يبدو أن ساعة المنبه الخاصة بي بحاجة لبطارية جديدة."
الابن يوسف: "أنا اليوم تلقيت بقشيشًا وفيرًا رغم أن الفترة الصباحية لا يتوقع منها ذلك خاصة في مطعم درجة أولى. اسمعو... بما أن لدي فراغ الليلة أود حضور الحفل الاستعراضي فمن يريد مصاحبتي؟"
لينة: "أي حفل؟"
يوسف: "حفل رأينا دعايته قبل قليل."
الجد: "والرياضة يابني؟"
يوسف: "ما أحَبَّ الرياضة لك يا جدي. كل يوم؟"
الجد: "أخاف إن تركناها مرة نهملها."
لينة: "لا تخف يا جدي؛ أنا لن أسمح بذلك. دعونا نذهب جميعًا."
الجدة: "أنا دعوني أبقى، فلا أحب الصخب."
الأم: "لن يكون في الأمر صخب يا خالة، فالدعاية تبين أن الحفل من النوع الرصين."
الأب: "إذن لا يصح أن تبقي وحدك يا أمي."
الجدة: "طيب، لكن لن نخرج قبل أن نصلي العشاء."
الجد: "بالتأكيد، نصلي جماعةً ثم نمضي."
الأم تبدأ بنقل الأواني إلى المطبخ والأب يساعدها.
يوسف: "أنا سأستريح قليلاً بعد الخدمة بين الطاولات طول النهار."
الجدة تنظر إلى لينة التي تكمل طعامها: "تغذي جيدًا يا حبيبتي فعملك ليس بالهين. أعانكم الله يا هذا الجيل. حين كنت في سنك لم أجد عملاً متاحًا إلا تداول الأسهم، كانت تسمى مضاربة."
الجد: "حتى أنا لم أجد عملاً حينها غير المضاربة، ضاربنا حتى انضربنا على رأسنا فحرّمت أن أعود إليها. الآن أنا لا أعارض هذا العمل، لكن يجب ألّا يخاطر المرء بكل ماله أو يجعله عمله الوحيد."
مشهد 2
يوسف في غرفته يضع طوق الجوال على رأسه: "أهلاً حبيبتي - - - هل دريت بالحفل الأوروبي؟ - - - سأذهب الليلة مع أهلي - - - أنت أيضًا مع أهلك؟ جميل جدًا. قد أراك الليلة إذن - - - حسنًا؛ إذا احتجت أي شيء أخبريني. إلى اللقاء." يتنهد في شوق وينام.
مشهد 3
الأم في المطبخ تضع الأواني في الغسالة.
لينة تدخل بصحن وملعقة وتضعهما فيها: "تأمريني بشيء يا أمي؟"
الأم: "شكرًا يابنتي. اذهبي استريحي."
الأب: "أنا عائد للعمل."
الجدان: "بالسلامة يابني."
الأب: "سأعود مع أذان العشاء إن شاء الله." يخرج وينزل بالمصعد من الدور الثامن. تدخل امرأة من الدور السادس وتسلّم فيرد السلام. يخرجان للشارع. تركض هي باتجاه الباص وتلحق أن تصعد فيه قبل أن يغادر. يركب هو سيارته الصغيرة ويربط الحزام. في المذياع تلاوة من القرآن. يصل إلى مبنى مستودع تجري فيه تعبئة طلبات سلع مفرقة للشحن بالبريد. يدخل قسم تلقي الطلبات حيث امرأتان تردان على المكالمات وهو ورجل آخر يتوليان باقي العمل.
الأب: "ما سر هذا الإقبال علينا اليوم؟"
زميله: "سمعت أن مسؤول التسويق وضع دعاية لنا أمس في مسرح لفرقة أجنبية."
الأب: "عجيب! أنا ذاهب إليها الليلة، وسأرى كيف نجحت هذه الدعاية."
مشهد 4
الجدان والأم يشاهدون في الشاشة جدالاً قويًا لمجموعة رجال ونساء حول الزواج العرفي.
امرأة: "كان منتشرًا في أحد البلاد العربية كما هو لدينا الآن، فلمّا تيسّر الزواج الشرعي بلا قيد أو شرط انتهت الظاهرة، فلماذا لا يكون ذلك هنا؟ حتى الرسول زوّج ابنته بدرع!"
الأب يدخل معلنًا موعد أذان العشاء وينادي يوسف ولينة فيأتيان: "عسى أن أدركتما صلاة المغرب؟"
يوسف: "الحمد لله، صحوت قبل قليل و أدركتها."
لينة: "وأنا لم أنم أصلاً."
يصلون جماعةً، ويخرجون وتتولى لينة قيادة السيارة.
مشهد 5
مجمع ترفيهي به سينما ومسرح كبير ومطعم صغير وساحة بها طاولات لتناول الطعام. تمر الأسرة على مدخل السينما ويرون لوحة إعلانية لفيلم محلّي بعنوان "وراك كذا". يدخلون المسرح حيث الناس يأخذون أمكانهم. يوسف يجول ببصره إلى أن يرى حبيبته جالسة مع أهلها. الأب ينظر للحائط الجانبي فيجد دعاية جميلة كتب عليها: "نحن نتقدم المنافسين لتكونوا أنتم الفائزين - متجر أطلب تجد." تخرج مذيعة على المنصة ترحب وتقدّم موهبة محلية جديدة في فقرة تسبق العرض الرئيسي، الموهبة شابة تقدم نوعًا من الفن، ثم تقدّم المذيعة الفرقة فتدخل في استعراض راقص رومانسي هادئ، تانجو مثلاً. تخرج الأسرة، يتناولون وجبة خفيفة في الساحة ويبدون آراءهم في الحفل. يرى يوسف الحبيبة تمشي مع أهلها ويجلسون بالقرب، فيقضي الوقت بتبادل النظرات في هيام، تلاحظ لينة ذلك، خاصة حين قامو للعودة للسيارة.
مشهد 6
يدخلون البيت. يذهب يوسف ولينة للغُرف.
لينة تدخل مع يوسف وتسأل: "تلك الفتاة... أنت تعرفها من قبل ومتعلق بها أيضًا!"
يوسف يرتبك: "كيف عرفت؟"
لينة: "لا تنسى أني شرطية، وعندي نظر وتمييز."
يوسف: "هذا من سوء... من حسن حظي."
لينة: "لماذا لم تخبرنا وتتقدم لها؟"
يوسف: "أنا أحادثها بالهاتف. وكل شيء وجدته منها أحببته؛ لكني لا أظن أني مؤهل للارتباط الرسمي؛ فأهلها تقليديون لن يقبلوني دون توفر بيت وغيره. هل تتوقعين ذلك من نادل بسيط مثلي؟"
لينة: "معك حق. هذه مشكلة. وظاهرة العرفي منتشرة لأن أكثر الشباب مثلك، لا يقدرون على متطلبات الشرعي. طيب ماذا ستفعل؟"
يوسف: "بماذا؟"
لينة: "بالفتاة."
يوسف: "لاأدري. ما رأيك بالعرفي؟"
لينة: "بصراحة، أنا لا أقدر أن أجيبك بأكثر مما قلت. والحل ليس عندي." لينة تخرج.
يوسف يضع طوق الجوال: "حياتي... هل تقبلين بالعرفي؟ - - - حقًّا؟!"
مشهد 7
الجد يقف عند باب الشقة، ينادي يوسف وأباه: "هيا كي لا تفوتنا الخطبة!" فيأتيان.
في الجامع يستمعون لخطبة الجمعة. الإمام لابس بدلة: " أخي المسلم... قال الله تعالى في الآية 20 من سورة الحديد {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}. اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، ولآخرتك كأنك تموت غدًا. التزمو أيها الإخوة بتعاليم دينكم وتمتعو بدنياكم بلا إفراط ولا تفريط، واحرصو على التزام الفرائض واجتناب الكبائر، واستغفرو الله كثيرًا، وعليكم بتقوى الله في السر كما في العلن .."
يخرجون ويجدون عند الباب أقراصًا مدمجة دعوية، فيأخذ يوسف أحدها.
الجد: "كيف وجدت الخطبة يا يوسف؟"
يوسف: "وهل يحق لي إبداء رأيي فيها؟"
الجد: "طبعًا، فهي نص بشري وليس إلهيًا."
الأب: "أنا وجدتها موزونة ومنطقية."
يوسف: "وأنا كنت سأقول نفس الشيء."
الجد: "صحيح، لكن بالمقارنة مع خطب ما قبل ثلاثين وأربعين عامًا تعتبر متساهلة."
الأب: "الحمد لله الذي جعل ديننا يسرًا."
مشهد 8
لينة في غرفتها تضع طوق الجوال وتتحدث بالإنجليزي مع صديق من بلد أجنبي. يطرق الباب فتستأذن منه وتفتح يوسف يدخل متوتراً: "كيف حالك أختي العزيزة؟"
لينة: "الحمد لله، لحظة معي شخص على الخط." تودع الصديق وتجلس مع يوسف وتسأله: "ماذا لديك؟ طمئنّي."
يوسف: "لقد اتفقت مع سلوى أن نتزوج الليلة."
لينة: "ماذا قلت؟!"
يوسف: "كما سمعت. وأعرف أنك محل ثقة وتحفظين السر."
لينة: "طيب، ما المطلوب مني؟"
يوسف: "أن تساعديني في المصاريف."
لينة: "ليس لدي غير عشرين ألفًا."
يوسف: "هاتيها." تقوم لينة لتكتب شيكًا. "لقد تدبرت الشهود، وبقي المهر. ماذا أقدم لها مهرًا"
لينة: "لا أحَب للنساء من المجوهرات والحليّ." تعطيه الشيك فيأخذه.
يوسف يخرج: "أنا ذاهب. أراك غدًا."
لينة: "انتبه لنفسك يا أخي." تجري اتصالاً: "أهلاً حبيبي - - - لقد فعلها أخي - - - أنا لا أرضى أن نفعل نفس الشيء - - - لأني إذا شئت يمكنني إقناع أهلي بالزواج الشرعي البسيط بلا تعقيد."
مشهد 9
يوسف يدخل سوقًا مع أذان المغرب. المحلات لا تغلق أبوابها. يدخل محل مجوهرات فيجد بائعة ترحب به، وبائعًا يصلي. يطلب خاتمًا ماسيًا فتأتيه البائعة بواحد.
يوسف: "جميل. كم ثمنه؟"
البائعة: "هذا الخاتم المميز بستين ألفًا."
يوسف: "لا لا، أنا معي خمسون ألفًا، وسأتزوج الليلة."
البائعة: "مبروك! نحسبه لك بخمسين لأجل هذه المناسبة، ونتمنى لك التوفيق."
يوسف: "ياسلام. أشكرك كثيرًا."
مشهد 10
الأب، الأم، الجد، والجدة يحضرون الأخبار.
المذيعة: "صرح رئيس نقابة العمل الصناعي بأن عاملي وعاملات مصنع الحلويات الوطني سيواصلون إضرابهم بسبب عدم استلام أجورهم. وكانت إدارة المصنع أكدت عجزها عن دفع الأجور نتيجة انخفاض المبيعات وأنها مهددة بالإفلاس."
الأم: "أعان الله هؤلاء الناس. لا أدري كيف يتدبرون معيشتهم."
الجد: "ما أصعب هذا الزمان، وما أكبر الفرق بينه وبين زمان مضى، حين كان الاقتصاد آخر هم الناس؛ فالبترول كان يوفر دخلاً يغطي احتياجات البلد وأكثر. وكان الوافدون يقومون بكل الأعمال، والمواطنون يعمّهم الخمول، ويفضلون -الرباضة- أكثر من الرياضة، وينشغلون بالمظاهر والشكليات، يحدثون النزاعات حولها. وكنا في حالة من الاستهلاك دون إنتاج. الآن صرنا كغيرنا، مضطرين للاجتهاد والكفاح لكي نعيش، أما المظاهر فآخر همنا."
مشهد 11
يوسف وسلوى يدخلان فندقًا ويقفان عند الاستقبال حيث موظفة غير محجبة ترحب بهما.
يوسف: "السلام عليكم. أنا وزوجتي جئنا إلى الرياض لزيارة مريض في المستشفى، وسننام هنا الليلة حتى نعود في النهار."
الموظفة: "أهلاً وسهلاً بكما. أعطياني هويتيكما." يعطياها. يصعدان.
يوسف واضعًا طوق الجوال: "هل أنتما بالقرب من الفندق؟ نحن أخذنا غرفة رقم ثلاثمئة وخمسة." يدخلان الغرفة.
سلوى: "أنا خائفة، يوسف. صحيح أني فرحانة لأني معك؛ لكني خائفة أن يدري أهلي."
يوسف: "أنتِ ماذا قلت لهم؟"
سلوى: "اتفقت مع صديقتي أن أقول إنها مريضة وأني سأنام معها، وجلبت معي جوالها كي أرد لو اتصل أهلي عليها."
يوسف: "ياسلام عليك وعلى ذكائك. إذن لا داعي للخوف. خذي، هذه هي الورقة، اقرئيها كي نوقّعها." يناولها ورقة. يُطرق الباب فيفتح ويدخل الشاهدان يسلّمان، فيردّان. يأخذ الورقة ويعطيها لهما. يخرج من جيبه الخاتم: "هذا الخاتم هو المهر." ويقدّمه لها. يوقّع الشاهدان ويباركان لهما. يوسف: "شكرًا لكما. أردّها لكما قريبًا إن شاء الله."
شاهد: "نعلم أنك لن تقصر معنا." يخرج الشاهدان ويغلق الباب.
مشهد 12
يوسف يصل ظهرًا إلى عمله في المطعم ويلقاه نادل آخر، وهو أحد الشاهدين.
النادل: "أهلاً بيوسف، أهلاً بزين الشباب. هل كل شيء على ما يرام؟"
يوسف: "نعم يا صاحبي. إنها فتاة أحلامي. وقد كانت أحلى ليلة في عمري؛ لكني لا أدري كيف ستتكرر."
النادل: "بسيطة. استأجر غرفة يومًا في الأسبوع لمدة سنة."
يوسف: "لكن كيف ستقنع هي أهلها؟"
النادل: "اسألها فهي الأقدر على معرفة ذلك."
يوسف يقوم بخدمة الزبائن ثم يعود ويضع طوق الجوال: "كيف حالك الآن حبيبتي؟ - - - اسمعي، كيف ستقنعي أهلك بخروجك يومًا في الأسبوع؟"
سلوى: "لا أستطيع أن أكلمهم عن يوم محدد من كل أسبوع، سيشكّون. سنضطر أن نتصرف في كل مرة على حدة، فمرة ذاهبة إلى السوق ومرة إلى صديقتي، وهكذا."
يوسف: "لا بأس، يمكننا السير على هذه الطريقة. عليّ أن أعود لتلبية الزبائن، أراك قريبًا يا روحي."
مشهد 13
في مركز الشرطة، لينة تعمل في قسم حجز النساء. يدخل شرطي مع امرأة.
الشرطي: "هذه وجدوها تحاول السرقة في أحد المحلات. خذي بصماتها وتحفظي على ما معها واحجزيها حتى يأتي وقت التحقيق."
لينة تنفّذ، وتسأل المرأة: "ما دفعك للسرقة؟"
المرأة: "أنا مسكينة يا أختي ومريضة لا أستطيع العمل."
لينة: "وهل استطعت السرقة الآن؟... إذن هذا ليس الحل."
مشهد 14
الأسرة مجتمعة في البيت عدا يوسف، الذي يدخل، فيسأله أبوه.
الأب: "يوسف، هل علمت يا بني أن الحكومة فتحت باب الهجرة للعمل في الخارج؟"
يوسف: "نعم يا أبي. وقد أتيت لأخبركم أني قررت أن أكون من أول المتقدمين حتى أحاول تحسين معيشتي."
الأسرة تدعو له بالتوفيق.
مشهد 15
يوسف وسلوى في شقة صغيرة.
سلوى تتحدث عبر طوق الجوال: "أنا بخير ولله الحمد يا أمي. لم يحدث لي مكروه؛ اطمئنو جميعًا. أُحدّثك من بلد أجنبي؛ فقد أخذت جواز سفري وهربت، لأني لا أقدر أن أبقى بلا زواج. وها أنا الآن مع زوجي الحبيب، نحاول إقامة حياتنا الجديدة."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق